-A +A
مشعل السديري
هل نحن مجتمع (خرافي) لا سمح الله؟!
لا أريد الإجابة من أحد، ولا أسمح حتى لنفسي بالإجابة عليه، ولكنني أطرح أمامكم بعض المواقف الشاهدة للعيان، وهي وحدها التي سوف تجيب عليه: إما (بنعم) أو (بلا).
قبل ما يقارب من (15) سنة، كان هناك (مشعوذ) في إحدى المدن وضع له (شبه مستشفى) في حوش لا تقل مساحته عن (20) ألف متر مربع، يعالج فيه الناس، خصوصا ممن أصيبوا (بالمس)، وتقاطر الناس عليه بالآلاف يوميا (رجالا ونساء).
وذهبت إلى ذلك المستشفى من حب الاستطلاع، وراعني أن شاهدت مئات السيارات متكدسة حول ذلك الحوش، وآلاف الأشخاص جالسين داخله تحت الشمس المحرقة ينتظرون الدور، وبعد أكثر من ساعة دخلت مع أحد الأفواج، وإذا بي وسط صالة كبيرة أشبه ما تكون بملعب (الباسكت بول)، وحولها مدرجات خشبية ــ نعم مدرجات، ومن اتساع المكان كان لا بد لذلك المشعوذ أن يخاطب الجميع (بالميكرفون) لكي يتسنى للمرضى أن يسمعوه.
لا أريد أن أدخل بالتفاصيل لأنها تطول، ولكن الخلاصة أنه كان يكسب يوميا (مئات الآلاف)، ولم يكن يؤمن بالإجازة الأسبوعية؛ لأنه كان في سباق مع الزمن، واستمر على ذلك المنوال المأساوي عدة سنوات إلى أن انكشف أمره، وأغلقت مستشفاه، وانسل هو مثلما تنسل الشعرة من العجين دون أية مساءلة أو عقاب، بعد أن امتلك العمارات وتكدس رصيده بالملايين، وما زال إلى الآن يرتاد المجالس بعباءته المقصبة وشماغه الذي بدون عقال طبعا ــ لزوم (المشيخة).
وما أحزنني حقا، في ذلك الوقت، هو مشاهدتي لرجال الشرطة والمرور وهم بملابسهم الرسمية ينظمون مواقف السيارات حول ذلك الحوش، فالرجل كان محفولا مكفولا!!
وقبل ثلاثة أعوام، وفي المدينة نفسها، تواطأ (كاتب عدل) مع بعض (الطحاطيح) وزور صكوكا على بعض المواقع، وكان نصيبه من هذه الخدمة الشريفة (270) مليونا فقط لا غير، وعندما قبض عليه ادعى أنه أصيب (بالمس)، أي أن جنيا قد دخل فيه، وقد علمت مؤخرا أن ذلك الجني قد دخل فيه من خلال (صرصور أذنه).
وقبل أشهر، أنكرت الإماراتية آلاء بدر الهاشمي المعروفة (بشبح الريم) كل التهم الموجهة إليها خلال الجلسة الثانية لمحاكمتها أمام محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات بتهمة قتل سيدة أمريكية والتورط في أعمال إرهابية، وادعت أنها كانت مصابة (بمس من الجن).
وتألمت جدا عندما سمعت وزير المالية في (حكومة الظل) البريطانية (آد بولز)، وهو يتحدث في محطة (BBC) متهكما على بعض مشايخ الخليج ممن يتكسبون من دخول الجن، وذكر ــ كمثال ــ حكاية (كاتب عدل المدينة)، وقال بالحرف الواحد:
إنني أتمنى أن يأتي ذلك الجني إلينا ليحل أزمة بريطانيا المالية.
وإذا كان لا بد وأن أختم مقالي هذا، فأنني أتوجه بكل حراره قصوى (لشبح الريم) قائلا لها: تعالي واشبحيني، ولكن أرجوك لا تقتليني، فلدي استحقاقات فواتير عاطفية لم أسددها بعد.

Meshal.m.sud.1@gmail.com